ويُدْهَنُ بها الجلود، ويَسْتَصْبِحُ بها الناس، فقال: لا، هو حرام. ثم قال رسول الله - ﷺ - عند ذلك: قاتل الله اليهود، إن الله لمّا حرّم شحومَها جَمَلوه ثم باعوه فأكلوه ثمنَه] (١).
وفي صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب الأسلمِيّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: [من لعبَ بالنَّرْدَشِير (٢) فكأنما صبغَ يده في لحم الخنزير ودمه] (٣). وفي لفظ أحمد: (فكأنما غمس يده في لحم الخِنزير ودمِه).
قال ابن كثير -في التفسير-: (فإذا كان هذا التنفير لمجرد اللمس، فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به. وفيه دلالة على شُمول اللحم لجميع الأجزاء من الشحم وغيره).
وقوله: ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾.
هو كل ما ذُبح فذكر عليه اسم غير الله، من صنم أو وثن أو طاغوت أو أي مخلوق، فهو حرام لاقترانه بالشرك.
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].
وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال: [حدثني رسول الله - ﷺ - بأربع كلمات لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى مُحْدِثًا، لعن الله من غيَّر منار الأرض] (٤).
قال شيخ الإسلام: (﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ ظاهره: أنه ما ذبح لغير الله، مثل أن يقول: هذا ذبيحة لكذا) (٥).
وقال الزمخشري: (كانوا إذا اشتروا دارًا أو بنوها أو استخرجوا عينًا ذبحوا ذبيحة
(٢) النرد: معرَّب، لعبة معروفة اخترعها أردشير بن بابك، ولهذا يقال النردشير.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٢٦٠)، وأبو داود (٤٩٣٩)، وأحمد (٥/ ٣٥٢)، وغيرهم.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه - رقم (١٩٧٨) (٤٣)، كتاب الأضاحي.
(٥) انظر لهذا الأثر وما بعده كتابي: أصل الدين والإيمان - (١/ ٤٥٧). وفتح المجيد (١٥٧).