٤. قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤)﴾.
في هذه الآية: يسألك يا محمد أصحابك عن حلال الطعام فأخبرهم أنه ما كان من الطيبات. يعني الذبائح الحلال الطيبة. وما اصطدتموه بالحوارح المعلمة. فكلوا منه واذكروا اسم الله واشكروه وعظموه.
قال مقاتل: (فالطيبات ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه، وهو الحلال من الرزق).
وقوله: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾.
الجوارح: هنّ الكواسب من سباع البهائم: من الكلاب والفُهود والصُّقور وأشباه ذلك. يعني أحل لكم ما اصطدتموه بهذه الجوارح. سميت كذلك من الجَرْح، وهو الكَسْبُ. والعرب تقول: جر فلان لأهله خيرًا: إذا أكسبهم خيرًا. وفلان جارحةُ أهله: يعني كاسبهم. ولا جارح لفلان، أي: لا كاسب له. وفي التنزيل: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾ [الأنعام: ٦٠]- يعني ما كسبتم وعملتم من خير أو شر.
والجمهور على أن صيد الطيور كصيد الكلاب، لأنها تَكْلَبُ الصيدَ بمخالبها، كما تَكْلَبُهُ الكلاب. وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك، وكذلك الإمام أحمد إلا أنه استثنى صيدَ الكلب الأسود، لأنه عنده مما يجب قتله ولا يحل اقتناؤه. وفي ذلك حديثان:
الحديث الأول: روى مسلم عن أبي ذر، أن رسول الله - ﷺ - قال: [يقطع الصلاة الحمارُ والمرأة والكلب الأسود. فقلت: ما بالُ الكلب الأسود من الأحمر؟ فقال: الكلب الأسود شيطان] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم وأحمد وأبو داود عن مُطَرِّفِ بن عبد الله يحدث

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٥١٠) - كتاب الصلاة. باب قدر ما يستر المصلي.


الصفحة التالية
Icon