وفي لفظ: [كُلُّ بني آدم يَطْعُن الشيطان في جنبه حين تَلِدُه أمُّهُ، إلا عيسى بن مريم، ذهب يطعن فطعَنَ في الحجاب] (١).
٣٧. قوله تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَال يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧)﴾.
في هذه الآية: تقبُّل الله تعالى مريم وكفالة زكريا لها، وَبَسْطُ الله الرزق لها بغير حساب.
قال ابن جريج: (تقبل من أمها ما أرادت بها للكنيسة، وأجرَها فيها، ﴿وَأَنْبَتَهَا﴾، قال: نبتت في غذاء الله).
قال ابن كثير: (﴿وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾ أي: جعلها شكلًا مليحًا ومنظرًا بهيجًا، ويَسَّرَ لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده، تتعلم منهم العلم والخير والدين).
وقوله: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾. أي جعله كافلًا لها. وكان زوج خالتها. قال ابن إسحاق: (وما ذلك إلا أنها كانت يتيمة). فقدّر الله كون زكريا كفلها لسعادتها، لتقتبس منه علمًا جَمًّا نافعًا وعملًا صالحًا.
وقد جاء في حديث الإسراء: [فإذا بيحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة] رواه مسلم. وكذلك ثبت في الصحيح أن رسول الله - ﷺ - قضى في عُمَارة بنت حمزة أن تكون في حضانة خالتها امرأة جعفر بن أبي طالب، وقال: [الخالة بمنزلة الأم] (٢).
وقوله: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾. إخبار من الله عن تولّيه لها بالكرامة وحسن الضيافة والرعاية، وعن سيادتها وجلالتها في محلّ عبادتها.
قال مجاهد: (وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف).
وقال قتادة: (وجد عندها ثمرة في غير زمانها).
وقوله: ﴿قَال يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا﴾. أي: من أي وجه لك هذا الرزق؟ !.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٦٩٩)، وابن حبان (٤٨٧٣) من حديث البراء مطوّلًا.