ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَال تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣) وَمِنَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)}.
في هذه الآياتِ: ذِكْرٌ للعهود والمواثيق التي أخذها الله على أهل الكتابين: اليهود والنصارى، وبيان مغبة نقضهم تلك العهود وما حلّ بهم من ضنك العيش في الدنيا، وما ينتظرهم من شقاء يوم القيامة. فإلى تفصيل ذلك:
قوله: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾.
قال الحسن: (اليهود من أهل الكتاب). وقال أبو العالية: (أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له، ولا يعبدوا غيره).
والنقيب في لغة العرب كالعريف، بل هو فوقه، وهو الأمين الضامن على القوم.
يقال: نقَب فلان على بني فلان فهو ينقُبُ نقْبًا. ويقال: عَرُف عليهم يَعْرُف عِرَافة.
قال قتادة: (﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾، من كل سِبْط رجل شاهد على قومه). وقال الربيع: (النقباء: الأمناء).
والمقصود أنهم عرفاء القوم ينوبون عن في قبائلهم بالتمثيل والمبايعة، قال ابن كثير: (يعني: عرفاء على قبائلهم بالمبايعة، والسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه).
وقال ابن جرير: (إنما كانَ الله عز ذكره أمر موسى نبيه - ﷺ - ببعثة النقباء الاثني عشر من قومه بني إسرائيل على أرض الجبابرة بالشام، ليتحسَّسوا لموسى أخبارَهم، إذْ أراد هلاكهم، وأن يورِّث أرضَهم وديارَهم موسى وقومَه، وأن يجعلها مساكن لبني إسرائيل، بعدما أنجاهم من فرعون وقومه، وأخرجهم من أرض مصر. فبعث موسى الذين أمره ببعثهم إليها من النقباء).
وقد بايع رسول الله - ﷺ - ليلةَ العقبة اثنا عشر نقيبًا من الأنصار، هم الذين وَلُوا