وقوله: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾.
قال ابن عباس: (يعني: حدود الله في التوراة، ويقولون: إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا).
والمقصود أنهم حملوا كلام الله في التوراة على غير مراده ومعناه، وأشاعوا فهمًا منحرفًا له يوافق أهواءهم وشهواتهم.
وقوله: ﴿وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾.
قال السدي: (يقول: تركوا نصيبًا).
وقال الحسن: (تركوا عُرَى دينهم، ووظائفَ الله جل ثناؤه التي لا تُقبل الأعمال إلا بها).
والمقصود: أنَّهم تركوا العمل بما ذكروا به رغبة عنه إلى دنيا عكفوا عليها.
وقوله: ﴿وَلَا تَزَال تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾.
يعني الغدر من أكثرهم والخيانة.
قال قتادة: ﴿وَلَا تَزَال تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾، قال: على خيانة وكذب وفجور).
وقال مجاهد: (هم يهودُ، مِثْلُ الذي هموا به من النبي - ﷺ - يوم دخل حائطهم).
وقوله: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)﴾.
قال ابن كثير: (وهذا هو عينُ النَّصر والظفر، كما قال بعض السلف: "ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تُطيع الله فيه". وبهذا يحصُلُ لهم تأليفٌ وجَمْعٌ على الحق، ولعل الله أن يهديهم، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾، يعني به: الصفح عمن أساء إليك).
وقوله: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾.
أي: وكذلك الذين زعموا أنهم على دين عيسى عليه الصلاة والسلام، وأنهم متابعوه على هديه ومناصروه ومآزروه، وقد عقدوا لذلك المواثيق والعهود - كما فعل اليهود من قبل - على الإيمان به وبكل نبي يرسله الله بعده إلى الأرض، إلا أنهم كانوا كسابقيهم عند أسوأ الظن. قال قتادة: (نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهدَ الله الذي