قالوا: صدقت. قال: فهل أنتم صادِقيَّ عن شيءٍ إن سألْتُ عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عَرَفْتَ كَذِبَنا كما عرفْتَه في أبينا، فقال لهم: مَنْ أهل النار؟ قالوا: نكون فيها يسيرًا، ثم تَخْلفونا فيها، فقال النبي - ﷺ -: اخسؤوا فيها، واللهِ لا نخلفكم فيها أبدًا. ثم قال: هل أنتم صادِقيَّ عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، قال: هل جعلتم في هذه الشاة سُمًّا؟ قالوا: نعم. قال: ما حملكم على ذلك؟ قالوا: أردنا إن كنت كاذبًا نستريح، وإن كنت نبيًّا لم يَضُرَّك] (١).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار] (٢).
وقد استدل قوم بهذه الآية: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾ أن الحبيب لا يعذب حبيبه. وهذا استدلال طيب، فإن اليهود لو قالوا لا يعذبنا كذّبوا ما في كتبهم من أن الله سيعذب العصاة، ولو قالوا يعذبنا أقرّوا أنهم ليسوا أبناء الله وأحباءه.
أخرج الحاكم بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: [مرّ النبي - ﷺ - بأناس من أصحابه، وصبي بين ظهراني الطريق، فلما رأت أمه الدواب خشيت على ابنها أن يوطأ، فسعت والهة، فقالت: ابني! ابني! فاحتملت ابنها، فقال القوم: يا نبي الله! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار، فقال رسول الله - ﷺ -: لا والله، لا يلقي اللهُ حبيبَه في النار] (٣).
وأخرج الإمام أحمد والبخاري من حديث عتبان بن مالك عن النبي - ﷺ - قال: [لن يُوافِيَ عَبْدٌ يوم القيامة يقول: لا إله إلا الله يبتغي بها وَجْهَ الله، إلا حَرَّمَ الله عليه النار] (٤).
(٢) حديث صحيح. انظر مختصر - صحيح مسلم - حديث رقم: (٢٠) -، وصحيح مسلم (١/ ٩٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٤/ ١٧٧)، وأحمد (٣/ ١٠٤)، وهو على شرط الشيخين.
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٦٤٢٣) - كتاب الرقاق. ورواه أحمد في المسند. انظر صحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٥١٠٦).