وقوله: ﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾.
قال السدي: (يقول: يهدي منكم من يشاء في الدنيا فيغفر له، ويميت من يشاء منكم على كفره فيعذِّبه).
وقوله: ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨)﴾.
أي جميع الخلق في هذا الكون ملك لله، والمرد إليه سبحانه لا محالة. وفيه تهديد ووعيد للمغترين بالأماني وفضائل الآباء والأسلاف كأولئك القائلين: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾.
١٩. قوله تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩)﴾.
في هذه الآية: الخطاب لأهل الكتابين في أن الله أرسل لهم محمدًا - ﷺ -، وهو خاتم النبيين والمرسلين.
قال قتادة: (وهو محمد - ﷺ -، جاء بالفرقان الذي فَرَق الله به بين الحق والباطل، فيه بيان الله ونوره وهداه، وعصمةٌ لمن أخذ به).
وقوله: ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾.
أي على انقطاع من الرسل. وقد روى ابن جرير في التفسير قال: حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: (كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما، ذكر لنا أنَّها كانت ست مئة سنة، أو ما شاء من ذلك والله أعلم). ورواه البخاري عن سلمان الفارسي. وهناك أقوال أخرى ولكن ذكرت الراجح، وربما يعود اختلاف الأرقام بين المفسرين لاختلاف السنة الشمسية والقمرية. ثم إنه لم يكن بين عيسى عليه الصلاة والسلام ونبينا محمد - ﷺ - بعثة نبي.
أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياءُ أولادُ عَلّات، ليس بيني وبينه نبيّ] (١).