قالوا: كان يُولَد له في كل بطن ذكرٌ وأنثى، فكان يزوِّجُ أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر، وكانت أخت هابيلَ دَمِيمةً، وأخت قابيلَ وضيئةً، فأراد أن يستأثِر بها على أخيه، فأبى آدم ذلك إلا أن يقرِّبا قربانًا، فمن تُقُبِّلَ منه فهي له، فقرَّبا فَتُقُبِّلَ من هابيل ولم يُتَقَبَّل من قابيل، فكان من أمرهما ما قص الله في كتابه).
وقوله: ﴿قَال لَأَقْتُلَنَّكَ قَال إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)﴾.
قال قتادة: (ذكر لنا أنهما هابيل وقابيل. فأما هابيل، فكان صاحب ماشية، فعمدَ إلى خير ماشيته فتقرَّب بها، فنزلت عليه نار فأكلته - وكان القربان إذا تُقبِّلَ منهم، نزلت عليه نار فأكلته. وإذا رُدَّ عليهم أكلته الطّير والسباع - وأما قابيل، فكان صاحب زرع، فعمد إلى أردأ زرعه فتقرب به، فلم تنزل عليه النار. ، فحسد أخاه عند ذلك فقال: للأقتلنك! قال: إنما يتقبل الله من المتقين) ذكره ابن جرير.
وقوله تعالى: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالمِينَ﴾.
قال ابن عباس: (ما أنا بمنتصر، ولأمسكنَّ يدي عنك). وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: ايم الله، إن كان المقتول لأَشَدَّ الرجلين، ولكن منعه التحرُّج أن يبسط إلى أخيه) (١). والتحرج: الورع.
وقوله: ﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالمِينَ﴾. أي: أخاف في بسط يدي إليك لقتلك مالكَ الخلائق كلها عقوبته.
وقوله تعالى: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾.
قال ابن عباس: (إثم قتلي، إلى إثمك الذي في عنقك).
وقال قتادة: (يقول: بقتلك إياي، وإثمك قبل ذلك).
وقال مجاهد: (إني أريد أن يكون عليك خطيئتك ودمي، تبوء بهما جميعًا).
وقوله تعالى: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
قال مجاهد: (﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ﴾: شجعته على قتل أخيه).