زكريا المتقدم حيث قال: ﴿هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ كأنه قال: ولدًا له ذرية ونسل وعَقِب، والله سبحانه وتعالى أعلم).
وقوله: ﴿وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. فيه بشارة بالنبوة ليحيى بعد البشارة بولادته، وقد وصفه الله بالصلاح ثناء منه سبحانه عليه.
وقوله: ﴿قَال رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾. تَعَجُّبٌ من زكريا عليه السلام مع إيمانه بالبشارة، إذ كيف يكون الولد ممن بلغ من السن ما بلغ وامرأته عاقر لا تلد. فأجابه الله تعالى على لسان المَلَك: ﴿كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ إذ لا يعجزه شيء، ولا يتعاظمه أمر، وهو على كل شيء قدير.
قال السدي: (﴿كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾: وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئًا).
وقوله: ﴿قَال رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾. أي ليزول الشيطان عني بوسوسته، وأزداد إيمانًا وبصيرة بأن ما بُشِّرت به هو من ملائكتك وهو بأمرك.
فأجابه سبحانه: ﴿قَال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾ أي: إلا إشارة لا تستطيع النطق مع أنك سوي صحيح تنطق، وذلك ثلاثة أيام.
قال قتادة: (فأخِذَ عليه بلسانه، فجعل لا يقدر على الكلام إلا ما أومأ وأشار).
وقال الضحاك: (الرمز أن يشير بيده أو رأسه، ولا يتكلم).
وقوله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾. هو أمر الله له بتسبيحه وتعظيمه في هذه الحال، التي أوقف بها عن تكليم الناس بغير خرس ولا عاهة ولا مرض - آية من آيات الله عزَّ وجلَّ.
قال مجاهد: (الإبكار أول الفجر، والعشيّ مَيْلُ الشمس حتى تغيب).
٤٢ - ٤٤. قوله تعالى: {وَإِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالمِينَ (٤٢) يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ