ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا). وقال: (يصير إلى جهنم بقتل المؤمن، كما أنه لو قتل الناس جميعًا لصار إلى جهنم). وقال: (من لم يقتل أحدًا فقد استراح الناس منه).
التأويل الرابع: القصاص الواجب على القاتل للنفس ظلمًا مثل الذي يجب عليه لو قتل الناس جميعًا.
قال ابن زيد: (يجب عليه من القتل مثلُ لو أنه قتل الناس جميعًا).
وقوله: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا﴾. أي: من عفا عمن وجب له القِصاص منه فلم يقتله.
قال الحسن: (مَنْ قُتِلَ حَميمٌ له فعفا عن دمه).
التأويل الخامس: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا﴾ - أي من أنجاها من غرق أو حرق.
قال مجاهد: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ قال: من أنجاها من غَرَق أو حَرَقٍ أو هَلَكة). أو قال: (من غَرَقٍ أو حَرَقٍ أو هَدَمٍ).
وقال الضحاك: (لو لم يقتله لكان قد أحيا الناس، فلم يستحلّ محرمًا).
قلت: وكلها تدل على آفاق المعنى، وتزيد في بيان أبعاده ومعانيه.
وإن كان الأظهر منها - كما قال سعيد بن جبير: (من استحل دم مسلم فكأنما استحلّ دماء الناس جميعًا، ومن حَرَّم دمَ مسلم فكأنما حَرّم دماء الناس جميعًا).
ويدل عليه قول النبي - ﷺ -: [المسلمون تتكافأ دماؤهم].
فقد أخرج أبو داود وابن ماجة بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - ﷺ -: [المُسلمون تتكافأ دماؤهم: يسعى بذمَّتِهم أدناهم، ويجير عَليهم أقصاهم، وهم يَدٌ على من سواهم، يَرُد مُشِدُّهُمْ على مُضْعِفِهم، ومُتَسرعهم على قاعِدهم، لا يُقْتَلُ مؤمن بكافر، ولا ذو عَهْد في عهده] (١).
وذكر ابن جرير بإسناده عن سليمان بن علي الربعي قال: (قلت للحسن: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ الآية، أهي لنا يا أبا سعيد، كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال: إي والذي لا إله غيره، كما كانت لبني إسرائيل! وما جعل دماءَ بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا).