أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}. فيه سببان للنزول:
السبب الأول:
أخرج أبو داود بسند صحيح عن أنس بن مالك - في حديث العرنيين - قال فيه: [فبعث رسول الله - ﷺ -، في طلبهم قافَة (١)، فأتى بهم، قال: فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾ الآية] (٢).
وأصله في الصحيحين من حديث أنس بن مالك: [أن نفرًا من عُكْلٍ ثمانية قدموا على رسول الله - ﷺ - فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا المدينة، وسَقِمت أجسامُهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله - ﷺ -، فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها وألبانها؟ فقالوا: بلى، فخرجوا، فشربو من أبوالها وألبانها، فَصَحُّوا، فقتلوا الراعِيَ وطردوا الإبل. فبلغ ذلك رسول الله - ﷺ - فبعث في آثارهم، فأُدْرِكوا، فجيء بهم، فَأَمر بهم فقطْعت أيديهم وأرجلهم، وسُمِرت أعينهم، ثم نُبِذُوا في الشمس حتى ماتوا] (٣). وفي لفظ لهما: [من عُكل أو عُرينة]. وفي لفظ عند البخاري وأبي داود:
قال أبو قلابة: (فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إِيمانهم، وحاربوا الله ورسوله).
وقال أنس: (فلقد رأيت أحدهم يَكْدِمُ الأرض بفيه عطشًا حتى ماتوا).
وفي لفظ لمسلم والنسائي عن أنس قال: (إنما سَمَلَ النبي - ﷺ - أعين أولئك، لأنهم سَملوأ أعين الرعاة) (٤). وفي لفظ لأبي داود عن ابن عمر قال: (ونزلت فيهم آية المحاربة).
وقوله: (سمل أعينهم): أي فاقأ أعينهم بمسمار أو حديدة محماة. وثبت في صحيح البخاري: أنَّ النبي - ﷺ -[أمر بمسامير فأحميت فكَحلهم].

(١) القائف: الذي يعرف الآثار، والجمع: القافَة. يقال: قافَ أثره إذا تبعه، مثل قفا أثره.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٣٦٦)، انظر صحيح سنن أبي داود (٣٦٧٠) - باب في المحاربة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٣٣) و (١٥٠١)، (٤١٩٢)، وأخرجه مسلم (١٦٧١)، وأبو داود (٤٣٦٤)، والنسائي (٧/ ٩٤)، وأحمد (٣/ ١٩٨)، وغيرهم.
(٤) حديث صحيح. انظر صحيح سنن النسائي (٣٧٧٣)، ورواه مسلم. وانظر لرواية ابن عمر بعدها - حديث رقم - (٣٦٧٤) من صحيح أبي داود.


الصفحة التالية
Icon