قال ابن عباس: (من شهر السلاح في قبّة الإسلام، وأخاف السبيل، ثم ظُفِرَ به وقُدِر عليه، فإمام المسلمين فيه بالخيار: إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله). وقال الحسن: (ذلك إلى الإمام).
قلت: وقد جاءت السنة الصحيحة بهذا التخيير. فقد أخرج أبو داود والنسائي بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - ﷺ -: [لا يحِلُّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم، ورجل خرج محاربًا لله ورسوله، فإنه يقتل، أو يصلب، أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفسًا فيقتل بها] (١).
وقد وَرَدَتْ "أو" في موضع التخيير كثيرًا من القرآن، من ذلك:
١ - في جزاء الصيد. قال تعالى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا....... ﴾ [المائدة: ٩٥].
٢ - في كفارة الفدية. قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ... ﴾ [البقرة: ١٩٦].
٣ - في كفارة اليمين. قال تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ... ﴾ [المائدة: ٨٩].
واختلف الفقهاء هل يُصَلَّبُ حيًّا ويترك حتى يموت بمنعه من الطعام والشراب أو يُقتل ثم يُصَلّب تنكيلًا وتشديدًا وعبرة لغيره من المفسدين. والذي يبدو لي أنه راجع إلى قرار الحاكم من خلال رؤيته لطبيعة إفساده أو مماثلته بصنيع مثل صنيعه - والله تعالى أعلم.
وأما النفي من الأرض فيه أقوال:
١ - قال ابن عباس: (نفيُه أن يطلب). وقال الزهري: (نفيه أن يُطلب فلا يقدر عليه، كلما سُمِعَ به في أرض طُلِبَ).
٢ - قال سعيد بن جبير: (من أخاف سبيل المسلمين، نُفي من بلده إلى غيره، لقول