عنهم بقوله: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. أما القصاص وحقوق الآدميين فلا تسقط).
وفي مذهب الشافعي أن ما تعلق به حق الآدمي قصاصًا كان أو غيره فإنه لا يسقط بالتوبة قبل القدرة عليه.
قلت: وهذا هو الراجح، فالحدود كفارات لأهلها وتبقى حقوق الآدميين.
أخرج الإمام البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - ﷺ - قال: [تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله، فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه. قال: فبايعناه على ذلك] (١).
٣٥ - ٣٧. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٧)﴾.
في هذه الآياتِ: أَمْرٌ من الله سبحانه المؤمنين بلزوم طاعته والخوف منه والتقرب إليه بالتقوى والعمل الصالح والجهاد، وإخبار منه جل ذكره عن خزي موقف الكفار يوم القيامة وهم يتمنون كل ما في الدنيا وأمثاله لو كان لديهم ليفتدوا به من عذاب جهنم وما الله بقابل ذلك، وقد قضى عليهم لزوم عذاب السعير وبئس المصير.
وقوله: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾. يعني القربة.