قال ابن المنذر: (وأجمعوا أن القطع إنما يجب على من سرق ما يجب فيه قطعٌ من الحرز) (١)،
والحرز هو ما يُصَانُ في مثله المال ويحفظُ، كالدار المغلقة، والخزانة، والمحل المغلق، ونحو ذلك.
قال صاحب "الروضة الندية" (٢/ ٢٧٧): (والحرز ما يعدُه الناس حرزًا لمثل ذلك المال، فالمتبن حرزٌ للتبن، والاصطبل للدواب، والمراح للغنم، والجرين للثمار).
والجرين: مثل البيدر للقمح، يجفف فيه التمر.
أخرج أبو داود بسند حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله - ﷺ -: أنَّه سُئِل عن الثَمر المعلق فقال: [من أصابَ بفِيهِ مِن ذي حاجَة، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَة، فلا شيء عليه، ومَنْ خَرَجَ بشيء منه فَعَلَيْه غَرامَةُ مِثْلَيْهِ (٢) والعقوبة، ومَنْ سَرَقَ منه شيئًا بعد أن يؤوِيَه الجَرينُ فبلغ ثمن المجنِّ فعليه القطع] (٣). والمجن: الترس.
٣ - وللمسروق منه أن يعفو عن السارق قبل رفعه إلى السلطان.
فقد أخرج أبو داود وابن ماجة بسند صحيح عن صفوان بن أمية قال: [كنت نائمًا في المسجد عَليَّ خميصة لي ثمنُ ثلاثين درهمًا، فجاء رجل فاختلسها مني، فأُخذ الرجلُ فأَتي به رسول الله فأُمِر به ليُقطَعَ. قال: فأتيتهُ، فقلت: أتقطعه من أجل ثلاثين درهمًا، أنا أبيعه وأنسئه ثمنها؟ قال: فهلّا كان هذا قبل أن تأتيني به] (٤).
وفي سنن النسائي وأبي داود بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنَّ رسول الله - ﷺ - قال: [تعافَوا الحدودَ فيما بينكم، فما بلغني من حَدٍّ فقد وجب] (٥).
٤ - حكم تكرر السرقة من السارق.
قال صاحب "الروضة الندية" (٢/ ٢٧٩): (اتفق أهل العلم على أن السارق إذا سرق
(٢) وفي رواية: (ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة).
(٣) حديث حسن. انظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم (٣٦٨٩) - باب ما لا قطع فيه.
(٤) حديث صحيح. أخرجد أبو داود في السنن (٤٣٩٤). انظر صحيح أبي داود (٣٦٩٣). وانظر صحيح سنن ابن ماجة (٢١٠٣) - باب من سرق من الحرز.
(٥) حديث صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود (٣٦٨٠) - باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان، وانظر سنن النسائي (٤٨٨٥)، (٤٨٨٦)، وصحيح سنن النسائي (٤٥٣٨)، (٤٥٣٩).