النضير قُتِلَ به، وإذا قتَلَ رجلٌ من النضير رجلًا من قريظة، فودِيَ بمئة وَسْقٍ من تمر. فلما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم-، قتلَ رجلٌ من النضير رجلًا من قريظة، فقالوا: ادفعوه إلينا نقتله، فقالوا: بيننا وبينكم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فائتوه، فنزلت: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾، والقسط: النفس بالنفس، ثم نزلت: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾] (١).
قلت: ولا مانع من اجتماع السببين معًا في نزول الآيات- والله تعالى أعلم.
وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.
فيه أقوال يفسر بعضمها بعضًا:
القول الأول: يروي ابن جرير بسنده عن علقمة ومسروق: (أنهما سألا ابنَ مسعود عن الرَّشوة، فقال: مِنَ السُّحت. قال: فقالا: وفي الحُكم؟ قال: ذاك الكفر! ثم تلا: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾).
القول الثّاني: قار السُّدي: (يقول: ومن لم يحكم بما أنزلت، فتركَه عمدًا، أو جار وهو يعلم، فهو من الكافرين).
القول الثالث: قال ابن عباس: (من جَحَد ما أنزل الله فقد كفر. ومن أقرَّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسق).
قلت: والفصل في هذه المسألة أن من ترك التحاكم لشرع الله جحودًا وعنادًا فهو الكفر المخرج من الملة، ومن تركه لشهوة أو ظلم مع إقراره به فهو كفر دون كفر، قال طاووس: (ليس بكفر ينقل عن المِلّة). وقال ابن عباس: (ليس بالكفر الذي يذهبون إليه). وقال في تفسير الآية: (هي به كفر). وقال عطاء: (كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق) رواه ابن جرير وقال ابن طاووس: (وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله) ذكره ابن كثير. وقد فضلت في هذه المسألة في كتابي: أصل الدين والإيمان، عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان، في بحث توحيد التشريع، فلله الحمد والمنة.
فائدة (١): الحكم بغير ما أنزل الله سبب إلى الفقر.
فقد أخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [خمسٌ بخمس: