ما نقض قومٌ العهدَ إلا سُلِّطَ عليهم عدوُّهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، ولا ظهرت فيهمُ الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طفَّفُوا المِكيال إلا مُنِعوا النبات، وأُخِذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حُبِسَ عنهم القَطر] (١).
فائدة (٢): ترك الحكام التحاكم لشرع الله هو عقوبة الله للأمة عند استهتارها. قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٩].
وفي المسند ومعجم الطبراني بسند صحيح عن عابس الغفاري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [بادروا بالأعمال سِتًّا: إمارةَ السفهاء، وكثرةَ الشُّرَط، وبيعَ الحكم، واستخفافًا بالدم، وقطيعة الرحم، ونشوًا يتخذون القرآن مزاميرَ، يقدمون أحدَهم ليغنيهم، وإن كان أقَلَّهم فِقْهًا] (٢).
٤٥ - ٤٧. قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧)﴾.
في هذه الآيات: تأكيد على العدل في القصاص الذي أنكره اليهود وخالفوا كتابهم التوراة وفي نصه: أن النفس بالنفس، أي: تقتل النفس القاتلة بالنفس المقتولة، وكذلك: العين بالعين -تفقأ عين المعتدي بالعين المفقوءة- والأنف بالأنف -يجدع الأنف بالأنف- وتقطع الأذن بالأذن، وتقلع السن بالسن، ويقتص من الجارح غَيْرَهُ ظلمًا للمجروح، فمن تصدق به فهو كفارة -للمجروح- وقيل للجارح، ومن ترك
(٢) حديث صحيح. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١/ ٣٢٤) (١ - ٢)، والحاكم (٣/ ٤٤٣)، وانظر مسند أحمد (٣/ ٤٩)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٧٩).