ففي سنن الترمذي وابن ماجة بسند حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: [أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين، وهم اليهود والنصارى] (١).
وقوله: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾. أي: مقاصّة.
قال القرطبي: (ولا قصاص في كل مَخُوف ولا فيما لا يُوصَلُ إلى القصاص فيه إلا بأن يخطئ الضارب أو يزيد أو ينقص).
وأخرج الترمذي بسند صحيح عن عمران بن حصين: [أنّ رجلًا عضَّ يد رجل فنزع يده فوقعت ثنيتاه فاختصما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أخاهُ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ، لا دِيةَ لك". فأنزل الله تعالى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾] (٢).
وقوله: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾.
أي: تصدق بالقصاص فعفا فهو كفارة له، أي: للمتصدق. وقيل: بل كفارة للجارح فلا يؤاخذ بجنايته في الآخرة، والقول الأول أظهر وعليه أكثر الصحابة، وهو أحد قولي ابن عباس، والسنة الصحيحة تؤيده:
فقد أخرج الترمذي بسند حسن عن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيهبه إلاّ رفعه الله به درجة وحَطّ عنه به خطيئة] (٣).
وله شاهد عند النسائي عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: [ما من رجل يُجْرَح مِن جسده جراحة، فيتصدَّق بها، إلا كفّر الله عنه مثل ما تَصَدَّق به] (٤).
وشاهد آخر عند أحمد من حديث أبي هريرة، عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [من أصيب بشيء من جسده، فتركه لله، كان كفارة له] (٥).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في السنن من حديث عمران بن حصين. انظر صحيح سنن الترمذي (١١٤٤) - أبواب الديات- باب القصاص. وأصله في الصحيحين.
(٣) حديث حسن. أخرجه الترمذي (١٣٩٣)، وابن ماجة (٢٦٩٣)، والطبري (١٢٠٨٥).
(٤) حديث صحيح. أخرجه النسائي في "التفسير" (١٦٦)، وأحمد (٥/ ٣١٦)، وهو صحيح لشواهده.
(٥) أخرجه أحمد (٥/ ٤١٢) ح (٢٢٩٨٣). انظر تخريج أحاديث تفسير ابن كثير- (٢٦٦٥) - المهدي.