وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
قال ابن زيد: (الكاذبون). وقال: (كل شيء في القرآن إلا قليلًا "فاسق" فهو كاذب. وقرأ قول الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ﴾. قال: "الفاسق" هاهنا، كاذب).
قلت: والفسق يشمل أكثر من ذلك، فهو يتضمن جميع أشكال الخروج عن الطاعة وارتكاب المخالفات الشرعية.
قال ابن كثير: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، أي: الخارجون عن طاعة ربهم، المائلون إلى الباطل، التاركون للحق).
٤٨ - ٥٠. قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (٤٩) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥)﴾.
في هذه الآيات: ثنَاءٌ من الله سبحانه على القرآن الكريم وَمَدْحٌ له، وَأَمْرٌ منه جل ثناؤه لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بالتحاكم إليه وإقامة منهاجه في الحكم، وتَحْذِيرٌ من الانحراف عنه إلى مناهج أهل الشبهات والشهوات وطريقة الجاهلية.
فقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾. أي: هذا القرآن.
وقوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾. أي: بالصدق واليقين.
وقوله: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ﴾. أي: يصدق ما جاء في كتب الله المتقدمة.


الصفحة التالية
Icon