قال أبو العباس محمد بن زيد: (الشريعة ابتداء الطريق، والمنهاج الطريق المستمر).
قال القرطبي: (والمنهاج الطريق المستمر، وهو النَّهْجُ والمَنْهَج).
وأما أقوال أهل التأويل في ذلك:
١ - قال قتادة: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾، يقول: سبيلًا وسُنّة. والسنن مختلفة: للتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة، يحلُّ الله فيها ما يشاء، ويحرِّم ما يشاء بلاء، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره: التوحيدُ والإخلاصُ لله، الذي جاءت به الرسل).
٢ - قال ابن عباس: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾، قال: سبيلًا وسنة).
وفي رواية عنه: (سنة وسبيلًا).
٣ - قال مجاهد: (الشرعة: السنة، و ﴿وَمِنْهَاجًا﴾ قال: السبيل، لكلكم، من دخل في دين محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد جعل الله له شرعة ومنهاجًا. يقول: القرآن، هو له شرعة ومنهاج). وقال: (الشرعة والمنهاج دين محمد عليه السلام، وقد نسخ به كل ما سواه).
قلت: والراجح عندي أن الشرعة هي الأحكام الشرعية والسنن الخاصة بكل أمة من أمم الأنبياء، والمنهاج هو الكتاب المنزل في ذلك الذي يوضح الله فيه بيان الطريق الكامل لإقامة أمره في كل أمة. فالتوراة منهاج، والإنجيل منهاج، والقرآن منهاج. ويجمع هذه المناهج توحيد الله وإفراده بالتعظيم والعبادة. والله تعالى أعلم.
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخْوَةٌ لعلّات، أمهاتهم شتّى ودينهم واحد] (١).
وقوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾.
قال ابن كثير: (أي: إنه تعالى شرعَ الشرائع مختلفة، ليختبر عباده فيما شرع لهم، ويثيبهم أو يعاقبهم على طاعته ومَعْصِيَتهِ، بما فعلوه أو عزموا عليه من ذلك كله). وقال