قال أبو العالية: (أُسِّس الدين على الإخلاص لله وحده لا شريك له).
أخرج الدارمي بسند صحيح عن زياد بن حُدَير قال: [قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا. قال: يهدمه زَلّةُ العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين] (١).
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس: أن النبي قال: [أبغض الناس إلى الله ثلاثة: مُلْحِدٌ في الحَرَم، ومُبْتَغٍ في الإسلام سُنّةَ الجاهلية، ومُطَّلِبُ دَم امرئٍ بغير حقٍّ لِيُهريقَ دَمَهُ] (٢).
٥١ - ٥٣. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (٥٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (٥٣)﴾.
في هذه الآيات: نَهيٌ عن موالاة اليهود والنصارى، وَتَوَعُّد مِنَ الله مَنْ خَرَقَ ذلك من المسلمين. ثم فيها فضْحٌ لسبيل المنافقين، وَإِنكارٌ لأساليبهم وحججهم الواهية في ذلك، وتوضيحٌ وتأكيدٌ لانهيار أعمالهم وخسارتهم في الآخرة.
فقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾.
تَحْذيرٌ من تقريبهم ومعاشرتهم ومناصرتهم.
قال المهايمي: (إذا كان تودّد أهل الكتاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقصد افتتانه عن بعض ما أنزل الله مع غاية كماله، فكيف حال من يتودد إليهم من المؤمنين؟ ).
وقوله: ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾.
إشارةٌ لعلة النهي. قال القاسمي: (أي: فإنهم متفقون على خلافكم، يوالي بعضهم
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٨٨٢)، كتاب الديات، وروى نحوه الطبراني (١٠٧٤٩).