بعضًا لاتحادهم في الدين. وإجماعهم على مضادتكم. فما لمن دينه خلاف دينهم ولموالاتهم! ! ).
وقوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.
قال الزمخشري: (وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين واعتزاله).
وقال القرطبي: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ شرط وجوابه، أي: لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي: من أصحابهم).
قلت: وقد جاءت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى:
الحديث الأول أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن جرير عن عبد الله البجلي: [أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بايعه على أن: "تنصح لكل مسلم، وتبرأ من الكافر"] (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح عن جرير بن عبد الله قال: [بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود. فأسرع فيهم القتل. قال: فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمر لهم بنصف العقل. وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله! لِمَ؟ قال: لا تراءى ناراهما] (٢).
الحديث الثالث: أخرج ابن أبي شيبة -والطبراني- عن ابن مسعود مرفوعًا: [أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله] (٣).
الحديث الرابع: أخرج الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله] (٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢٦٤٥)، كتاب الجهاد- باب على ما يقاتل المشركون. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٢٣٠٤) وقال: (صحيح) دون جملة العقل.
(٣) حديث حسن. انظر كتاب "الإيمان" لابن أبي شيبة ص (٤٥)، والمسند (٤/ ٢٨٦).
(٤) ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" (١/ ٦٩). وهو حديث حسن. انظر صحيح الجامع (٢٥٣٦).
وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٥٣٧)، وله شاهد في مسند أحمد (٤/ ٢٨٦) من حديث البراء. انظر الحديث السابق.