الحديث الخامس: أخرج ابن جرير ومحمد بن نصر المروزي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئًا] (١).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)﴾
المقصود: إن الله لا يوفق من أعطى الولاية لأعدائه، وكان لهم ظهيرًا ونصيرًا. وقوله: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾.
ففي المقصود بذلك قولان:
١ - قيل عني بذلك عبد الله بن أبي بن سلول. قاله عطية بن سعد. وقال: ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾ (أي: في ولايتهم). أي: لقول ابن أبي: (إني أخشى دائرة تصيبني).
٢ - قيل بل المعني قوم من المنافقين كانوا يناصحون اليهود ويغشُّون المؤمنين.
قال مجاهد: (المنافقون، في مصانعة يهود، ومناجاتهم، واسترضاعهم أولادَهم إياهم. وقول الله تعالى ذكره: ﴿نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ قال يقول: نخشى أن تكون الدائرة لليهود).
وكلا التأويلين وارد محتمل، فهو خبر عن المنافقين الذين كانوا يوالون اليهود والنصارى ويخدعون المؤمنين بحجة احتمال أن يدور الدهر فيظفر اليهود أو النصارى، أو أهل الشرك، أو تنزل نازلة بهؤلاء المنافقين، فيكون لهم إلى أولئك حاجة.
وقوله: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾.
الفتح عني به أمران عند المفسرين:
١ - فتح مكة. فعن السدي: (﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾، قال: فتح مكة).
٢ - قيل القضاء والفَصْل. فعن قتادة: (﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾ قال: بالقضاء).

(١) انظر: "حلية الأولياء" (١/ ٣١٢) عن ابن عباس، و"جامع العلوم والحكم" لابن رجب الحنبلي ص (٣٠)، الطبعة الثالثة، سنة (١٣٨٢) هـ.


الصفحة التالية
Icon