ويجوز أن يكون القضاء والفصل هو فتح مكة فيجتمع المعنيان. فإن الفتح في لغة العرب القضاء.
وقوله: ﴿أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾. قال السدي: (الأمر الجزية- يعني ضرب الجِزية على اليهود والنصارى).
وقوله: ﴿فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾.
أي: يصبح المنافقون الذين ارتضوا لأنفسهم موالاة اليهود والنصارى نادمين على ما أقدموا عليه، إذ لم يجنوا من ذلك إلا الضعف والخزي والفضيحة بين المؤمنين.
وقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (٥٣)﴾.
فيه تفسيران:
١ - هو قول بعض المؤمنين لبعض بعد الفتح نزول النصر: أهؤلاء -إشارة إلى المنافقين- الذين حلفوا واجتهدوا في الأيمان وقالوا إنهم لمعكم معشر المؤمنين، فهاهم قد فضحهم الله وأخزاهم وهتك سترهم اليوم. ذكره ابن جرير.
٢ - هو قول المؤمنين لليهود على جهة التوبيخ: أهؤلاء -إشارة إلى المنافقين- الذين حلفوا بالله غاية أيمانهم أنهم يعينونكم على محمد. ذكره القرطبي.
وقوله: ﴿حَبِطَتْ أَعْمَالهُمْ﴾.
أي: بطلت بنفاقهم. ﴿فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾ فيه معنيان:
المعنى الأول: قد خسروا الثواب وضيّعوا مستقبلهم بنفاقهم.
المعنى الثاني: قد خسروا في موالاة اليهود، فقد أجلى النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهود وقتل طائفة
منهم.
والخلاصة: قد خسر هؤلاء المنافقون الصفقة الهزيلة مع اليهود الذين أخزاهم الله بالقتل والإجلاء، وكذلك فقد خسروا رضوان الله، فضيّعوا الدنيا والآخرة.
٥٤ - ٥٦. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ