له شأن كبير وأمر عظيم، وسيكون ﴿بِكَلِمَةٍ مِنْهُ﴾ سبحانه، يعني بأمره كن فيكون، واسمه المسيح عيسى بن مريم، فهذه شهرته بين الناس في الدنيا وهو في الآخرة من الصالحين.
وفي تأويل: ﴿الْمَسِيحُ﴾ أقوال عند المفسرين:
١ - أي مَسَحَهُ الله فطهّره من الذنوب. قال ابن جرير: (ولذلك قال إبراهيم: ﴿الْمَسِيحُ﴾: الصّدّيق).
٢ - قيل بل المراد مُسحَ بالبركة. قال سعيد: (إنما سمي المسيح لأنه مُسِحَ بالبركة).
٣ - قيل بل سمي المسيح لكثرة سياحته. ذكره بعض السلف.
٤ - وقيل: لأنه كان مسيح القدمين، لا أخْمَصَ لهما. ذكره والذي بعده ابن كثير.
٥ - وقيل: لأنه كان إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات بَرئ بإذن الله تعالى.
وقوله: ﴿عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾. نسبه إلى أمه، حيث لا أب له. وإلا فالناس ينسبون إلى آبائهم في الدنيا والآخرة. قال تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾.
وفي صحيح مسلم عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا جمع الله الأولين والآخِرين يوم القيامة، يُرْفَعْ لكل غادر لواءٌ، فقيل: هذه غَدْرَةُ فُلانِ بنِ فلان] (١).
وقوله: ﴿وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾. أي: له وجاهة ومنزلة ومكانة رفيعة عند الله في الدنيا بما يوحيه إليه من الشريعة وأحكام الكتاب الذي نزله عليه، وشفيعًا في الآخرة بإذن الله لمن ارتضى سبحانه، فيقبل منه كإخوته الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقوله: ﴿وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾. قال الربيع: (من المقربين عند الله يوم القيامة).
وقوله: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ﴾. قال ابن عباس: (مضجع الصبي في رَضاعه).
وقوله: ﴿وَكَهْلًا﴾. قال الحسن: (كلمهم في المهد صبيًّا، وكلمهم كبيرًا).
وقال قتادة: (يكلمهم صغيرًا وكبيرًا). وقال مجاهد: (الكهل الحليم).