وتفصيل ذلك:
قوله تعالى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾.
قال القاسمي: (أي ما تعيبون وتنكرون منا ﴿إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ وهو رأس الكمالات ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ وهو أصل الاعتقادات والأعمال والأخلاق ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ﴾ وهو يشهد لما أنزل إلينا ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ أي متمردون خارجون عن الإيمان بما ذكر).
وقال ابن كثير: (أي: وآمنا بأن أكثركم فاسقون، أي خارجون عن الطريق المستقيم).
وفي التنزيل: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨)﴾ [البروج: ٨].
وفيه أيضًا: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ... (٧٤)﴾ [التوبة].
وقوله: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾.
أي: إن من اتصف بهذه الصفات الذميمة هم شر مكانًا، وهم أصحاب الخزي يوم القيامة، لا الذين آمنوا بالله ورسله وكتبه وصدقوا المرسلين والتزموا العمل الصالح.
فمن ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ﴾ أي طرده من رحمته ﴿وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ فلا يرضى بعدها عنه، ومسخ حاله وهيئته إلى أحوال وهيئات القردة والخنازير خزيًا عاجلًا لهم في الدنيا قبل الآخرة هم ومن مضى على منهاجهم الفاسد من أحفادهم موضع النقص والعيب والعار ومظنة الهلاك في الآخرة.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: وذكرت عنده القردة -أي عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي لفظ: فقال رجل: يا رسول الله! القردة والخنازير هي مما مُسِخَ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: [إن الله عز وجل لم يُهْلِك قومًا، أو يُعَذِّب قومًا، فيجعلَ لهم نسْلًا، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك] (١).
وفي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان بسند صحيح عن ابن عباس، عن