النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [الحياتُ مسخ الجن صورةً، كما مُسِخَت القِرَدةُ والخنازيرُ من بني إسرائيل] (١).
وقوله: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ - فيه قراءتان أو أكثر.
القراءة الأولى: قراءة قراء الحجاز والشام والبصرة وبعض الكوفيين: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ أي: وجعل منهم من عَبَدَ الطاغوت كما جعل منهم القودة والخنازير.
القراءة الثانية: قراءة جماعة من الكوفيين: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾. والمعنى: وجعل منهم خدم الطاغوت. أي خدّامه وعبيده.
وكلاهما قراءتان مشهورتان وإن كانت القراءة الأولى أشهر، واختار ذلك ابن جرير.
وقد مضى بيان مفهوم كلمة ﴿الطَّاغُوتَ﴾ في مواضع سابقة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾.
فيه أكثر من تأويل:
١ - قال الزجاج: (أولئك شر مكانًا على قولك).
٢ - قال النحاس: (ومن أحسن ما قيل فيه: أولئك الذين لعنهم الله شر مكانًا في الآخرة من مكانكم في الدنيا لما لحقكم من الشر).
٣ - وقيل: أولئك الذين نقموا عليكم شر مكانًا من الذين لعنهم الله.
٤ - وقيل: أولئك الذين لعنهم الله شر مكانًا في الآخرة من مكانكم في الدنيا لما لحقكم من الشر.
٥ - وقال القرطبي: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ لأن مكانهم النار، وأما المؤمنون فلا شرَّ في مكانهم).
٦ - وقال ابن كثير: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾، أي: مما تظنون بنا).
قلت: والسياق يقتضي ما ذكره القرطبي وابن كثير، إذ جاء قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ بعد قوله تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً﴾، والله تعالى أعلم.