وقوله: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾.
قال ابن عباس: (وإنهم دخلوا وهم يتكلمون بالحق، وتُسِرُّ قلوبهم الكفر، فقال: ﴿دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِه﴾).
وفي التنزيل: ﴿وَقَالتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [آل عمران: ٧٢].
وقوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ﴾.
أي: بما تنطوي عليه سرائر هؤلاء المنافقين.
وقوله: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾.
قال السدي: (الإثم: الكفر). وقال قتادة: (﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾، وكان هذا في حكّام اليهود بين أيديكم).
قال ابن جرير: (وأما قوله: ﴿وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾، فإنه يعني به الرشوة التي كانوا يأخذونها على حكمهم بغير كتاب الله لمن حكموا له به).
والمقصود كشف هؤلاء اليهود في تعاطيهم المآثم والمحرمات والاعتداء على الناس، وكشف خداعهم ولعبهم بدينهم مقابل الرشوة والمال الباطل.
وقوله: ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. أي: مما سبق من المخالفات الشرعية.
وقوله تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾.
الأحبار: العلماء. والربانيون: العلماء العُمَّال أرباب الولايات عليهم، فهم أخص. والآية توبيخ للطرفين مقابل سكوتهم عن انحراف ومخالفات بني إسرائيل في انتشار الآثام والمعاصي بينهم، وانتشار السحت: أي الرشوة والمال الحرام.
قال ابن عباس: (ما في القرآن آية أشد توبيخًا من هذه الآية).
وقال الضحاك: (ما في القرآن آية أخوف عندي منها: أنا لا ننهى). وقال: (﴿الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ﴾ فقهاؤهم وقراؤهم وعلماؤهم. وما أخوفني من هذه الآية).
وقال ابن جرير: (وكان العلماء يقولون: ما في القرآن آية أشدَّ توبيخًا للعلماء من هذه الآية، ولا أخوف عليهم منها).


الصفحة التالية
Icon