آدمُ وموسى عليهما السلام عند ربِّهما، فحجَّ آدمُ موسى، قال موسى: أنت آدمُ الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من رُوحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جَنّتِه، ثم أهْبَطْتَ الناس بخطيئتك إلى الأرض؟ قال آدم عليه السلام: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تِبْيان كل شيء، وقرّبك نَجِيًّا، فبِكَمْ وَجَدْت الله كتب التوراة قبل أن أُخلقَ؟ قال موسى: بأربعين عامًا، قال آدم: فهل وجدت فيها: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾. قال: نَعَمْ. قال: أفتلومني على أن عَمِلْتُ عملًا كتبه الله عليَّ أن أعْمَلَهُ، قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فحجَّ آدم موسى] (١).
وقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾.
قال قتادة: (حملهم حسدُ محمد -صلى الله عليه وسلم- والعرب على أن كفروا به، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم).
وفي التنزيل: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)﴾ [الإسراء: ٨٢].
وقوله: ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾.
قال مجاهد: (أي بين اليهود والنصارى). وقيل: (ألقينا بين طوائف اليهود).
قال القرطبي: (فهم متباغضون غير متفقين، فهم أبغض خلق الله إلى الناس).
وفي التنزيل: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [الحشر].
قلت: والراجح أنه من ذكر اليهود، فإن السياق يقتضي ذلك، والمقصود: أن الفرقة والتمزق ستعم طوائف بني إسرائيل، فلا تجتمع قلوبهم، وتسري العداوة بينهم. قال إبراهيم النَّخَعِي: ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ قال: الخصومات والجدال في الدين).
وقوله: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾.
قال السدي: (كلما أجمعوا أمرهم على شيء فَرَّقَهُ الله، وأطفأ حَدَّهم ونارهم، وقذف في قلوبهم الرعب).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٦٥٢) ح (١٥)، كتاب القدر، وانظر صحيح البخاري (٤٧٣٨).


الصفحة التالية
Icon