وقوله: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾.
قال ابن كثير: (أي: من سَجِيَّتِهم أنهم دائمًا يَسْعَوْنَ في الإفساد في الأرض، والله لا يحب من هذه صفته).
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥)﴾.
قال قتادة: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾، يقول: آمنوا بما أنزل الله، واتقوا ما حرّم الله، ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾).
قال ابن جرير: ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾، يقول: مَحَوْنا عنهم ذنوبهم فغطينا عليها، ولم نفضحهم بها، ﴿وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾، يقول: ولأدخلناهم بساتين ينعمون فيها في الآخرة).
وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ﴾.
قال ابن عباس: (يعني القرآن). أي وعملوا بما أنزل إليهم من ربهم من الفرقان الذي جاءهم به محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقوله: ﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾. يعني من القَطْر والنبات.
قال ابن عباس: (﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ﴾، يعني: لأرسل السماء عليهم مدرارًا، ﴿وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾، تخرج الأرض بركتها).
وقال قتادة: (إذن لأعطتهم السماء بركَتَها، والأرض نباتها).
وقال السدي: (يقول: لو عملوا بما أنزل إليهم مما جاءهم به محمد -صلى الله عليه وسلم-، لأنزلنا عليهم المطر، فلأنبت الثّمر).
وفي الآية تنبيه لهذه الأمة ألا تسقط كما سقطت أمة يهود، وأن تتمسك بقرآنها فهو فلاحها في الدنيا والآخرة، وقد خشي النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذه الأمة أن تترك قرآنها والعمل به كما حصل في أمم أهل الكتاب. وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج ابن ماجة بسند صحيح، عن زياد بن لبيد قال: ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا، فقال: [ذاك عِنْدَ أوانِ ذهاب العِلم. قلت: يا رسول الله! وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونُقْرِئهُ أبناءنا ويُقْرِئهُ أبناؤنا أبناءَهم، إلى يوم القيامة؟ قال: ثَكِلَتْكَ