أُمُّكَ، زيادُ! إن كُنْتُ لأراكَ مِنْ أفقه رجلٍ بالمدينة. أو لَيْسَ هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل، لا يَعْمَلُون بشيءٍ مما فيهما؟ ] (١).
الحديث الثاني: أخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعًا: [لتركبن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، وباعًا بباع، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب دخلتم، وحتى لو أن أحدهم ضاجع أمه بالطريق لفعلتم] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند يإسناد صحيح عن أبي عامر -عبد الله بن يحيى- قال: [حججنا مع معاوية بن أبي سفيان، فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة -يعني الأهواء- كلهما في النار إلا واحدة -وهي الجماعة- وإنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله، والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاءكم به نبيّكم -صلى الله عليه وسلم-، لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به] (٣).
وقوله: ﴿مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾.
يعني: منهم جماعة مقتصدة في القول في عيسى بن مريم، وبعيدة عن الغلو والتنطع.
قال قتادة: ﴿مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ﴾، يقول: على، كتابه وأمره. ثم ذمّ أكثر القوم فقال: ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾).
وقال السدي: (﴿مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ﴾، يقول: مؤمنة).
وقال الربيع بن أنس: (فهذه الأمة المقتصدة، الذين لا هم جفَوا في الدين ولا هم غَلوا).
وفي التنزيل: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٩].
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٤/ ٤٥٥) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا، ورجاله ثقات. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (١٣٤٨).
(٣) حديث صحيح. انظر مسند أحمد (٢/ ٣٣٢)، وسنن أبي داود (٢/ ٥٠٣)، والترمذي (٣/ ٣٦٧)، وابن ماجة (٢/ ٤٧٩)، والحاكم (١/ ١٢٨)، وصحيح الجامع (١٠٩٣)، (١٠٩٤).