عز وجل ما أصابه لينقذ الأمة من جحيم مناهج أهل الشهوات والأهواء ومن جحيم النار يوم القيامة، إلى نور الحياة في ظل منهج الله سبحانه في الدنيا وظل روضات الجنان في الآخرة.
أخرج البخاري عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: [مَنْ حَدَّثك أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كتم شيئًا مما أُنزِلَ عليه فقد كَذَبَ، والله يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ الآية] (١).
قال البخاري: قال الزهري: (من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم).
وقد استنطق النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته في أعظم المحافل، فشهدت له بأتم البلاغ، وفهمت منه الوداع.
الحديث الأول: أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس يومَ النَّحر فقال: [يا أيها الناس، أيُّ يوم هذا؟ قالوا: يومٌ حرام، قال: فأي شَهْرٍ هذا؟ قالوا: شَهْرٌ حرام، قال: فإن دِماءَكُم وأموالكم وأعراضَكُم عليكم حرامٌ كحُرْمةِ يومِكُم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. فأعادها مِرَارًا، ثم رَفَعَ رأسه فقال: اللهم هل بَلَّغْتُ؟ اللهم هل بَلَّغْتُ؟ - قال ابن عباس رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده! إنها لَوَصِيَّتُهُ إلى أُمَّتِه- فليبلغ الشاهدُ الغائبَ، لا ترجعوا بعدي كُفّارًا يَضْربُ بعضكم رقابَ بعض] (٢).
قال البخاري: وقال هِشامُ بنُ الغازِ: أخبرني نافعٌ عن ابن عمرَ رضي الله عنهما: (وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ بين الجَمَراتِ في الحَجَّة التي حَجَّ بهذا، وقال: هذا يوم الحج الأكبر. فطفق النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: اللهم اشهد. فوَدَّع الناسَ فقالوا: هذه حَجَّة الوداع) (٣).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٤٦١٢) -كتاب التفسير- باب: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (١٧٣٩) -كتاب الحج. باب الخطبة أيامَ منى. وأخرجه أحمد في المسند (١/ ٢٣٠).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه عقب حديث (١٧٤٢) -كتاب الحج. الباب السابق. وانظر كذلك الحديث (٤٤٠٣) منه.


الصفحة التالية
Icon