ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾. وهم: المسلمون الذين صدقوا بالله ورسوله.
﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ هم اليهود حملة التوراة. وقوله: ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾. قال ابن كثير: (لما طال الفصل حسن العطف بالرفع) - والصابئون: طائفة بين النصارى والمجوس، ليس لهم دين. قاله مجاهد. وعنه: بين اليهود والمجوس. وقال سعيد بن جبير: (بين اليهود والنصارى). وعن الحسن: (إنهم كالمجوس). وقال قتادة: (هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى غير القبلة، ويقرؤون الزبور). وقال وهْب بن مُنبه: (هم قوم يعرفون الله وحده، وليست لهم شريعة يعملون بها، ولم يحدثوا كفرًا). وقيل غير ذلك، والله تعالى أعلم.
وأما النصارى: فهم حملة الإنجيل، الذين بعث فيهم عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام.
وقوله: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
يعني: من آمنَ بالله فَصدَقَهُ التوحيد والتعظيم، وآمن باليوم الآخر، واستعدّ له بالعمل الصالح، فكان على منهاج كتابه الذي أنزل إليهم، ثم آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- إن عاصره وأدركه فنصره وتابعه، فأولئك لا خوف عليهم في مشهد المحشر يوم القيامة ولا هم يحزنون على ما فاتهم في الدنيا وعلى ما خلّفوا فيها، فالطمأنينة والأمن في الدنيا والآخرة.
٧٠ - ٧١. قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٧١)﴾.
في هذه الآيات: تَذْكِيرٌ من الله سبحانه بالمواثيق والعهود التي أخذها على بني إسرائيل بالصدق والسمع والطاعة ومتابعة الرسل، ولكنهم كانوا عند أسوأ الظن، فقد خانوا العهود ونقضوا المواثيق وركبوا أهواءهم، فإن وافق الرسول المرسل إليهم شهواتهم قبلوه وإلا قتلوه. وظنوا أن الأمر هكذا دون امتحان واختبار فعموا عن الحق


الصفحة التالية
Icon