رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذَّنْب نهاه عنه تعذيرًا، فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيلَه وخليطه وشريَكه -وفي لفظ: وشريبه-، فلما رأى الله ذلك منهم ضَرَب قلوب بعضهم على بعض، ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى بن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده لتأمُرُن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يد المسيء ولتأطرُنَّهُ على الحق أطرًا، أو ليضربَن الله قلوب بعضكم على بعض، أو ليلعنكم كما لعنهم] (١).
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج أبو داود وابن ماجة بسند صحيح عن قيس، قال: [قال أبو بكر، بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية، وتضعونها على غير موضعها: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ... ﴾ [المائدة: ١٠٥]، وإنا سمعنا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أَوْشَكَ أن يعمَّهم الله بعقاب وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما مِنْ قومٍ يُعْملُ فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يغيروا، ثم لا يغيروا إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقاب] (٢).
الحديث الثاني: أخرج ابن ماجة بسند حسن عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: [مرُوا بالمعروف، وانْهوا عن المنكر، قَبْل أن تَدْعُوا فلا يُسْتَجابُ لكم] (٣).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري: [أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام خطيبًا، فكان فيما قال: ألا، لا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا، هيْبَةُ الثاني، أن

(١) حسن بشواهده. أخرجه أبو داود (٤٣٣٧)، وأبو يعلى (٥٠٣٥)، والطبري (١٢٣٠٩) والبغوي في "التفسير" (٨١٦) بإسناد منقطع، لكن له شواهد يتقوى بها، منها ما أخرجه الطبراني كما في "المجمع" (١٢١٥٣) من حديث أبي موسى، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود (٣٦٤٤) -كتاب الفتن، باب الأمر والنهي. وسنن ابن ماجة (٤٠٠٥). من حديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
(٣) حديث حسن. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٢٣٥) - كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.


الصفحة التالية
Icon