فيقول: محمدٌ وأمته، فتُدْعى أمةُ محمدٍ، فيُقال: هل بَلَّغَ هذا؟ فيقولون: نعم. فيقول: وما عِلْمُكُمْ بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبيُّنا بذلك أن الرسل قد بلَّغوا، فَصدَّقناه، قال: فذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا.... ﴾] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾.
قال ابن زيد: (القوم الصالحون: رسولُ الله - ﷺ - وأصحابه).
وقوله تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾.
قال القرطبي: (دليل على إخلاص إيمانهم وصدق مقالتهم، فأجاب الله سؤالهم وحقّق طمَعَهم - وهكذا من خَلصَ إيمانه وصدق يقينه يكون ثوابه الجَنَّة).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾.
أي: الذين جحدوا توحيد الله وأنكروا نبوة محمد - ﷺ -، فأولئك هم سكان جهنم ذات الجحيم، وهو ما اشتد حرّه من النار والعياذ بالله.
قال ابن جرير: ﴿أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾، هم سكّانها واللابثون فيها).
٨٧ - ٨٨. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨)﴾.
في هذه الآياتِ: نَهْيٌ من الله سبحانه المؤمنين أن يتشبهوا بالقسيسين والرهبان من أهل الكتاب الذين حرموا على أنفسهم طيبات أحلها الله لهم، وتَرْغِيبٌ بالاستمتاع بالرزق الحلال الطيب مع شكر الله المنعم المتفضل.
قال ابن جرير: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ يعني بـ ﴿الطيبات﴾، اللذيذات

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٥٨)، وأخرجه ابن ماجة (٢/ ٥٧٣ - ٥٧٤)، وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon