البيضاء، شرقيّ دمشق بين مهروذتين (١)، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدّر منه مثل جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد من ريح نفسه إلا مات] (٢).
الحديث الثاني: أخرج الطبراني في المعجم الكبير بسند صحيح، عن أوس بن أوس، عن النبي - ﷺ - قال: [ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق] (٣).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة] (٤).
وقوله: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾.
قال قتادة: (هم أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة).
وقد وقع ذلك، فإن النصارى كانوا أقرب إلى الحق من اليهود، فلما رفع الله المسيح عليه السلام تفرقت أصحابه شيعًا بعده، منهم من آمن به أنه عبد الله ورسوله، ومنهم من غلا فيه، واستمروا على ذلك قريبًا من ثلاث مئة سنة. قال ابن كثير: (ثم نبغ لهم ملك من ملوك اليونان يقال له قسطنطين، فدخل في دين النصرانية، قيل: حيلة ليفسدَه، فإنه كان فيلسوفًا، وقيل: جهلًا منه، لأنه بدّل لهم دين المسيح وحَرَّفه، وزاد فيه ونقص منه، ووضعت له القوانين، والأمانة الكبيرة - التي هي الخيانةُ الحقيرةُ - وأحلَّ في زمانه لحم الخنزير، وصَلَّوا له إلى المشرق، وصَوَّروا له الكنائس، والمعابد والصوامع، وزادوا في صيامهم عشرة أيام من أجل ذنب ارتكبه - فيما يزعمون - وصار دين المسيح دينَ قسطنطين، إلا أنه بنى لهم من الكنائس والمعابد والصوامع والديارات ما يزيد على اثني عشر ألف معبد، وبنى المدينة

(١) أي يلبس ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران. ذكره النووي.
(٢) حديث صحيح. وهو جزء من حديث طويل، انظر مختصر صحيح مسلم (٢٠٤٨).
(٣) حديث صحيح. رواه الطبراني في "المعجم الكبير". انظر صحيح الجامع الصغير (٨٠٢٥).
(٤) حديث صحيح. رواه مسلم في الصحيح (١/ ٩٥). وانظر مختصر صحيح مسلم (٢٠٦١)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ١٠٤٧) لتفصيل الحدث.


الصفحة التالية
Icon