بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٣. قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣)﴾.
في هذه الآيات: ثنَاءُ الله سبحانه مادحًا نفسه الكريمة بما تفرد به جلت عظمته في خلق السماوات والأرض وتعاقب الظلمات والنور لمنافع عباده، ثم مع ذلك يعدل عن عبادته الكافرون. ثم أعقب ذلك بذكر خلق آدم عليه السلام أصل بني البشر وقد قضى لنسله آجالًا، ثم وعدهم لقاءه في المحشر يوم القيامة، الذي يشك فيه الممترون. وهو سبحانه الإله الواحد الأحد المعبود في السماوات وكذلك في الأرض لا يخفى عليه سركم وجهركم ويعلم كسبكم وجميع أعمالكم.
فقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾.
قال ابن جرير: (وهذا كلام مخرجه مَخرج الخبر، يُنْحى به نحو الأمر. يقول: أخلصوا الحمد والشكر للذي خلقكم، أيها الناس، وخلق السماوات والأرض، ولا تشركوا معه في ذلك أحدًا أو شيئًا، فإنه المستوجب عليكم الحمدَ بأياديه عندكم ونعمه عليكم، لا من تعبدونه من دونه، وتجعلونه له شريكًا من خَلْقه).
وأخرج الطبراني بإسناد حسن عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضلَ من تلك النعمة] (١).
وله شاهد عن ابن ماجة بسند حسن من حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [ما أنعم الله تعالى على عبدٍ نعمة فقال: الحمد لله، إلا كان الذي أعطى أفضلَ مما أخذ] (٢).
(١) حديث حسن. أخرج الطبراني في "الكبير" من حديث أبي أمامة. انظر صحيح الجامع (٥٤٣٨).
(٢) حديث حسن. أخرجه ابن ماجة في "السنن" (٣٨٠٥) - باب فضل الحامدين. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٠٦٧). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.


الصفحة التالية
Icon