والمعنى: إن خلقه سبحانه السماوات والأرض قد تقرّر، وآياتها العظيمة في هذا الكون قد سطعت، وإنعامه جل ذكره قد تبيّن، ثم بعد ذلك كله عدل الكافرون عن عبادة ربهم وتعظيمه، إلى تعظيم أهوائهم وشهواتهم من دون الله.
قال مجاهد: (﴿يَعْدِلُونَ﴾. يشركون).
وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾.
قال قتادة: (﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾، بدء الخلق، خلق الله آدم من طين).
وقال ابن زيد: (خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم حين أخذنا من ظهره).
فالمعنى: بدأ الله تعالى الخلق بأن خلق آدم عليه السلام من تربة الأرض المختلفة، ثم خرج منه نسله وذريته فانتشروا في مشارق الأرض ومغاربها، فكان الأصل من ذلك الطين الأول.
أخرج الإمام أحمد والترمذي عن أبي موسى، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
[إن الله تعالى خلق آدم من قَبْضَةٍ قَبَضَها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والسَّهْلُ والحزْنُ، والخبيث والطيِّبُ، وبين ذلك] (١).
وقوله: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ - فيه أقوال:
١ - قال قتادة: (أجل حياتك إلى أن تموت، وأجل موتك إلى أن تُبْعَث. فأنت بين أجَلين من الله تعالى ذكره).
٢ - وقال الضحاك بن مزاحم: (﴿قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، قال: قضى أجل الموت، وكل نفس أجلها الموت. قال: ولن يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، يعني: أجل الساعة، ذهاب الدنيا، والإفضاء إلى الله).
٣ - وعن ابن عباس: (قوله: ﴿أَجَلًا﴾، قال: الدنيا، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، الآخرة).