٧٨. قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨)﴾.
في هذه الآية: وإن من اليهود قومًا يحرِّفون كلام الله ويبدلون مواضعه ليزيلوه عن المراد به كذبًا على الله وهم يعلمون.
قال مجاهد: (﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ﴾، قال: يحرفونه). وقال قتادة: (هم أعداء الله اليهود، حَرّفوا كتاب الله، وابتدعوا فيه، وزعموا أنه من عند الله).
وروى البخاري عن ابن عباس: (أنهم يحرِّفون ويزيلون).
وقوله: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. يعني: يتعمدون الكذب على الله، والشهادة عليه بالباطل، والإلحاق بكتاب الله ما ليس منه، طلبًا للرياسة والخسيس من حطام الدنيا. ذكره ابن جرير.
٧٩ - ٨٠. قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)﴾.
في هذه الآيات: يخبر تعالى ذكره عن استحالة دعوة نبيّ -اصطفاه الله واختاره- لنفسه ليتخذه العباد ربًّا من دون الله، ولكن يدعو الناس ليكونوا أسوة يُقتدى بهم في العلم والدين. وكذلك ما ينبغي له أن يأمر الناس بعبادة أحد غير الله، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، فإن هذا أمْرٌ بالكفر بعد الإسلام.
فقوله: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾.