ولينصرنَّه إن خَرَج وهو حي، وإلا أخذ على قومه أن يؤمنوا به ولينصرُنَّه إن خرج وهم أحياء).
وخلاصة المعنى: أن الله أخذ الميثاق على كل نبي من لدن آدم إلى عيسى عليهم السلام، مهما أوتي أحدهم من كتاب وحكمة، وبلغ بإذن الله أي مبلغ، ثم جاءه رسول من بعده، ليؤمنن به ولينصرنه، فإن هذا من ميثاق النبوة. ذكره ابن كثير.
قلت: ولا شك أن الرسول محمدًا - ﷺ - هو خاتم الرسل والأنبياء، وهو الإمام الأعظم في الأمة، والقائد الأعلى إلى يوم القيامة، ونبوته قديمة وعريقة. فقد أخرج الإمام أحمد في المسند، عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال: قلت: يا رسول الله متى كُتِبْتَ نبيًّا؟ قال: [كُتِبتُ نبيًّا وآدمُ بين الروح والجسد] (١).
وفي لفظ: [كنت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد] (٢).
وله شاهد عند الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، قوله - ﷺ -: [إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وإن آدمَ لمنجدِلٌ في طينته] (٣).
وقوله: ﴿وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾. قال ابن عباس ومجاهد: (يعني: عهدي). وقال محمد بن إسحاق: (إصري أي: ثقل ما حُمِّلْتُم من عهدي). أي ميثاقي الشديد المؤكد.
وقوله: ﴿قَالُوا أَقْرَرْنَا﴾. يعني، قال الأنبياء: أقررنا بما ألزمتنا من الإيمان برسلك الذين ترسلهم مصدقين لما معنا من كتبك، وبنصرتهم.
وقوله: ﴿قَال فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾.
قال علي رضي الله عنه: (يقول: فاشهدوا على أممكم بذلك، ﴿وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾، عليكم وعليهم).
والمعنى: إن هذا العهد يتطلب منكم نقله إلى أممكم أيضًا، فالكل مطالب بتصديق
(٢) رواه أحمد في السنة. انظر المرجع السابق، وصحيح الجامع الصغير (٤٤٥٧).
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ١٢٧)، والطبري (٣٤٠٥٤)، والحاكم (٢/ ٤١٨). وقوله: "لمنجدل": أي لملقي على الأرض، وانظر البحث في كتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ١١٨).