رسل الله والإيمان بالوحي النازل إليهم، والله يشهد على الجميع بذلك.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ أي: من أعرض ونقض عقد هذا الإيمان الواجب فهو منعوت عند الله بالفسق والخروج عن الطاعة.
قال علي بن أبي طالب: (فمن تولى عنك، يا محمد، بعد هذا العهد من جميع الأمم، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، هم العاصون في الكفر) ذكره ابن جرير بسنده.
٨٣ - ٨٥. قوله تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣) قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)﴾.
في هذه الآيات: ينكر سبحانه وتعالى على من يلتمس منهجًا ودينًا غير دين الله العظيم، الذي استسلم لأمره من في السماوات ومن في الأرض، إما طائعًا وإما كارهًا، والكل إليه يرجعون. ثم يأمر نبيّه - ﷺ - أن يصرح بإيمانه بالله وهذا القرآن الذي أنزل عليه، وما أنزل على الأنبياء والرسل قبله من الصحف والوحي، وأن أمته - ﷺ - مؤمنون بهذا النهج النبوي العظيم. إنه من يطلب منهجًا غير دين الإسلام ليكونن من الخاسرين.
فقوله: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾.
قال مجاهد: (الطائع المؤمن، و ﴿وَكَرْهًا﴾، ظل الكافر). وقال: (سجود المؤمن طائعًا، وسجود ظلّ الكافر وهو كارهٌ).
وقال الربيع عن أبي العالية: (كل آدمي قد أقرّ على نفسه بأن الله ربي وأنا عبده. فمن أشركَ في عبادته فهذا الذي أسلم كَرْهًا، ومن أخلص له العبودة، فهو الذي أسلم طوعًا).
وفي التنزيل: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾