أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩)}.
في هذه الآيات: المرتد عن دين الله بعد الإيمان به يستحق عند الله اللعنة -منه ومن ملائكته ومن الناس أجمعين-. إلا من تدارك نفسه بالتوبة والإنابة والرجوع إلى منهاج الإيمان فإن الله غفور رحيم.
أخرج ابن جرير -ورجاله رجال الصحيح- وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال: [كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتدّ ولحق بالشرك، ثم نَدِمَ فأرسل إلى قومه: أن سلوا لي رسول الله - ﷺ - هل لي من توبة؟ قال: فنزلت: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. فأرسل إليه قومه فأسلم] (١).
فقد استثنى الله تعالى الذين تابوا من بعد ارتدادهم عن إيمانهم، فراجعوا الإيمان بالله وبرسوله، وصدقوا وأصلحوا ما فاتهم فعملوا من الصالحات ما ينجيهم عند الله الغفور الرحيم.
٩٠ - ٩١. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٩١)﴾.
في هذه الآيات: يخبر تعالى عن مصير المرتدين عن الإيمان وقد ارتضوا الكفر منهجًا بدلًا عنه حتى وافتهم المنية، فإنه لن يُقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا -لو

(١) حديث صحيح. أخرجه النسائي في "التفسير" (٨٥)، وأحمد (١/ ٢٤٧)، والحاكم (٢/ ١٤٢)، والطبري (٧٣٥٨)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.


الصفحة التالية
Icon