وفي المسند وسنن ابن ماجه بسند صحيح عن أبي سعيد مرفوعًا: [يجيء النبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك وأقل، فيقال له: هل بَلَّغْتَ قومك؟ فيقول: نعم.. ] (١).
وقوله: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾.
قال ابن كثير: (أي: بمخالفة رسلنا وتكذيبهم، فأعقبهم ذلك خِزيَ الدنيا موصولًا بذلّ الآخرة).
وقوله: ﴿فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: فجاءتهم عقوبتنا ونقمتنا ليلًا قبل أن يصبحوا، أو جاءتهم "قائلين"، يعني: نهارًا في وقت القائلة (٢)).
ولا شك أن المقصود بقوله: ﴿فَجَاءَهَا بَأْسُنَا﴾ سكان القرية دون بنيانها، فهم الذين استحقوا بأس الله وعذابه بلزومهم ما يسخط الله من الأقوال والأفعال، وإن كان قد نال بنيانها ومساكنها من البأس بالخراب والدمار، مثل ما نال سكانها.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ [الأنبياء: ١١].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ [محمد: ١٣].
٣ - وقال تعالى: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ﴾ [الحج: ٤٥].
٤ - وقال تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص: ٥٨].
(٢) وهو من القيلولة، وهي الاستراحة وسطَ النهار، وكلا الوقتين الليل ووقت القيلولة وقت غفلة ولهو، ولذلك باغتهم سبحانه بالعذاب والدمار في هذين الوقتين.
وقوله: ﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ - حال معطوفة على بَياتًا، والتقدير: فجاءهم بأسنا بائتين أو قائلين.