أزهدهم فيها، ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾، مساوي أعمالهم، أُحَسِّنُها إليهم).
٤ - وقال مجاهد: (قول الله: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾، ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾، قال: حيث يبصرون، ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾، ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾، حيث لا يبصرون).
قلت: وكلها أقوال تحمل آفاقًا محتملة لتأويل الآية، وتشترك جميعها بأن إبليس اللعين توعد إغواء ذرية آدم من جميع وجوه الباطل ليصدهم عن الحق. وفي ذلك أحاديث كثيرة في صحيح السنة المطهرة، منها:
الحديث الأول: أخرج الحاكم في المستدرك، والبيهقي في "الأسماء" بسند صحيح في الشواهد - عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله - ﷺ - قال: [إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي: لا أزال أغفر لهم ما استغفروني] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إن الشيطان قد أَيِسَ أن يعبدَه المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند، بإسناد حسن، عن سبرة بن أبي فاكه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إن الشيطان قعد لابن آدم بِأَطْرُقِهِ، فقعد له بطريق الإسلام فقال: تُسْلِمُ وتذرُ دينك ودين آبائك وآباء آبائك؟ ! فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطِّوَل، فعصاه فهاجر. ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتُقتل فَتُنْكَحُ المرأة ويُقسم المال؟ ! فعصاه فجاهد.. ] (٣).
الحديث الرابع: أخرج الحاكم بسند حسن عن ابن عباس أن رسول الله - ﷺ - خطب
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٣٨). وانظر مختصر صحيح مسلم (١٨٠٤)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ١٣٤٠) لتفصيل البحث.
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد (٣/ ٤٨٣)، وأخرجه النسائي (٦/ ٢١)، وابن حبان (٤٥٩٣)، وغيرهم. من حديث سبرة بن أبي فاكه رضي الله عنه.