الناس في حجة الوداع فقال: [إن الشيطان قد يئِسَ أن يُعبد بأرضكم، ولكن رضي أن يُطاعَ فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا، إني قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا، كتابَ الله، وسنة نبيه.. ]. وأصله في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد (١).
وقوله: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾.
قال ابن عباس: (مُوَحِّدين).
وهذا الكلام من إبليس إنما كان عن ظن منه وتوهم، فتحقق بسبب زلل ابن آدم وضعفه وانقياده لشهواته وأهوائه، فتوافق ظن إبليس مع تفريط ابن آدم كما قال تعالى في آية سبأ: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾.
وقد كان الله حذّر الذرية كما حذر الأبوين منه بقوله سبحانه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢)﴾.
وكذلك إنما جاءت أوامر النبي - ﷺ - تحذر من موافقة اللعين، وتؤكد على مخالفة هذا الشيطان الرجيم، فإنه لا يضمر للإنسان إلا الشر المبين. ومن ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر، عن النبي - ﷺ - قال: [لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال] (٢).
الحديث الثاني: أخرج الإمام البخاري عن عائشة قالت: سألت رسول الله - ﷺ - عن الالتفات في الصلاة فقال: [هو اختلاس يختلِسُهُ الشيطان من صلاة العبد] (٣).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: [قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي يلبسها علي! فقال رسول الله - ﷺ -: ذلك شيطان يقال له خِنْزَب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن

(١) حديث حسن. انظر مسند أحمد (٢/ ٣٦٨)، وكذلك (٣/ ٣١٣)، وجامع الترمذي (٣/ ١٢٧) ومسند أبي يعلى (٢/ ٦٠٩)، وقد مضى نحوه في صحيح مسلم (٨/ ١٣٨).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٠١٩) - كتاب الأشربة. باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه - حديث رقم - (٣٢٩١) - كتاب بدء الخلق. باب صفة إبليس وجنوده. من حديث عائشة رضي الله عنها. وانظر (٧٥١).


الصفحة التالية
Icon