سبحانه، وأن تَتَوَجهوا إلى البيت الحرام، ثم إليه تحشرون، فكما بدأكم تعودون. إنه سبحانه قد هدى فريقًا استحقوا الهداية بتواضعهم لأمره، وحرم الهداية فريقًا تمردوا على أمره وأظهروا الاستكبار والعناد، وآثروا ولاية الشياطين، وهم يحسبون أنهم مهتدون. يا بني آدم تجملوا باللباس عند كل مسجد فاختاروا أستره وأجمله، وكذلك كلوا واشربوا من الطيبات واجتنبوا الإسراف والمحرمات، إنه سبحانه لا يحب المسرفين. قل - يا محمد - لهؤلاء المنحرفين في منهاجهم: من حرّم عليكم - أيها القوم - زينة الله أن تتزينوا بها وتتجملوا بلباسها، والحلال من الرزق من أصناف الطيبات في المطاعم والمشارب، قل - يا محمد - إذ أفلس القوم من الجواب: إنها زينة الله أخرجها لعباده وطيبات أحلها لهم، ثم ينعمون بها وحدهم في الآخرة دون الكفار، ونفصل التشريع الحق لقوم يفقهون. قل - يا محمد - لهؤلاء المشركين: أيها القوم! إن الله لم يحرم ما تحرمونه، بل أحل ذلك لعباده وطيّبه لهم، إنما حرم القبائح وهي الفواحش، سرّها وعلانيتها، والمعاصي والاستطالة على الناس بظلم، والشرك الذي هو أصل كل معصية وفاحشة وظلم، والقول على الله بغير علم، الذي هو أم كل جهل وأصله وسببه. ثم لكل أمة أجل هم بالغوه، فإذا جاء يومهم مضوا دون أي تأخير أو تقديم. يا بني آدم إنه لا فلاح لكم إلا باتباع الرسل، فمن صدق بهم ومضى على منهاجهم فقد فاز، ومن أبى فالنار ستلفحه يوم القيامة وبئس المصير.
فقوله: ﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾.
قال مجاهد: (كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراة، ولا يلبس أحدهم ثوبًا طاف فيه).
وقال ابن عباس: (الرياش: اللباس والعيش والنعيم). وفي رواية: (﴿وَرِيشًا﴾ يقول: مالًا).
وقال ابن زيد: (الريش: الجمال). قال ابن جرير: (و ﴿الريش﴾: إنما هو المتاع والأموال عندهم. وربما استعملوه في الثياب والكسوة دون سائر المال).
وقوله: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾.
فيه أقوال متكاملة:
١ - قال قتادة: (﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾، هو الإيمان).