وقوله: ﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾.
يقول جل ذكره: ادخلوا مع أمم أمثالكم قد سلفت قبلكم من الجن والإنس هي اليوم في النار، فأنتم اليوم تشركونها في المصير كما شركتموها في السبيل، كلما دخلت النار جماعة شتمت من سبقها ومن سنَّ ذلك الضلال من أهل ملتها.
قال السدي: (﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾، يقول: كلما دخل أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك الدين، يلعن المشركون المشركين، واليهود اليهود، والنصارى النصارى، والصابئون الصابئين، والمجوس المجوس، تلعن الآخرة الأولى).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [البقرة: ١٦٦، ١٦٧].
٢ - وقال تعالى: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٢٥].
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا﴾.
أي: اجتمع فيها أهل الملة الواحدة من ملل الكفر - أولهم وآخرهم.
وقوله: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
قال السدي: (﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ﴾، الذين كانوا في آخر الزمان، ﴿لِأُولَاهُمْ﴾، الذين شرعوا لهم ذلك الدين، ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾).
وقال مجاهد: (﴿عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾، مُضَعَّف). وقال السدي: (﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾، للأولى، وللآخرة ضعف).
وقوله: ﴿وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
أي: قدْر ما أعدّ الله لكم من الهوان والنكال والعذاب.