وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (٥٨)}.
في هذه الآيات: يقول جلت عظمته: إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن في ستة أيام ثم علا على العرش، يتابع على عباده ويعاقب بين الليل والنهار، يطلب كل واحد منهما الآخر على إثره سريعًا، والشمس والقمر والنجوم تحت تسخيره وتصريفه، وهي مقهورة بأمره، ألا له الخلق والتصرف، فتعالى الله رب العالمين. ادعوا ربكم أيها الناس تذللًا واستكانة لطاعته سرًا لا جهارًا إنه - تعالى - لا يحب الاعتداء في الدعاء بصياح أو نداء. واحذروا الفساد في الأرض وإلحاق الضرر بعد إصلاحها، وتوجهوا بكل أموركم إلى ربكم خوفًا منه وطمعًا في رحمته وجنته، وَرَحمتُهُ سبحانه مرصدة للمحسنين. والله سبحانه هو الذي يرسل الرياح مبشرات بين يدي المطر، حتى إذا حملت الرياح سحابًا - ثقيلةً قريبة من الأرض لكثرة ما فيها من الماء - ساقه الله لأرض مجدبة فأحيا بها النبات وأخرجه، وكذلك يخرج سبحانه الأجساد من قبورها يوم القيامة - لعلكم تتفكرون. إن الأرض السبخة لا يخرج نباتها إلا نكدًا - قليلًا لا ينفع - وأما الأرض الطيبة فتعطي ألوان الثمار والنبات والأزهار المختلفة، وكذلك القلوب: فالقلب المؤمن انتفع بالقرآن فأصدر أشعة الإيمان والإحسان، والقلب الكافر لم ينتفع بالقرآن فخبث وأصدر أشعة المكر والسوء والإجرام. وهذه المواعظ لا ينتفع بها إلا القوم الشاكرون.
فقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، عن أبي هريرة قال: [أخذ رسول الله - ﷺ - بيدي فقال: خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبَثَّ فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، في آخرِ