الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل] (١).
قال الحافظ ابن كثير في صفة هذه الأيام: (فالجمهور على أنها كأيامنا هذه).
وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾
أي: علا واستعلى فله العلو والفوقية.
والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار. والعرش: أعظم مخلوقات الله عز وجل. قال ابن جرير: (﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ..﴾ [فصلت: ١١]: ثم ارتفع إلى السماء). أي: بلا تكييف ولا تمثيل. وأدلة العلو في القرآن كثيرة، منها:
١ - قال سبحانه في سورة يونس: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾. قال مجاهد: (استوى: علا).
٢ - قال تعالى في سورة طه: ﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (٤) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾.
٣ - قال جل ذكره في سورة فصلت: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾.
٤ - وقال تعالى في سورة النساء: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْه..﴾.
٥ - وقال في سورة النحل: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون﴾.
٦ - وقال في سورة السجدة: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾.
٧ - وقال في سورة فاطر: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
٨ - وقال في سورة الملك: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧٨٩) - كتاب صفات المنافقين، باب ابتداء الخلق، وخلق آدم عليه السلام. والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٢٧٥ - ٢٧٦)، ورواه أبو يعلى في مسنده (١/ ٢٨٨)، وأخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣٢٧)، وانظر السلسلة الصحيحة (١٨٣٣) لرد شبه من تكلم فيه وحاول إعلاله. وأنه يكفي في صحته أن ابن معين رواه ولم يُعله بشيء.


الصفحة التالية
Icon