وقال: "ألا إنَّ كُلّكُم مُنَاجٍ رَبَّهُ فلا يُؤذِيَنَّ بعضُكم بَعْضًا، ولا يَرْفَع بعضكم على بَعْضٍ في القراءة". أو قال: "في الصلاة"] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي موسى قال: [كنا مع النبي - ﷺ - في سفر، فجعل الناس يَجْهرون بالتكبير، فقال النبي - ﷺ -: أيها الناس! ارْبَعُوا على أنفسكم، إنكم ليس تَدْعون أَصَمَّ ولا غائبًا، إنكم تَدْعونَه سميعًا قريبًا وهو معكم] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله - ﷺ -[الجاهِرُ بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمُسِرُّ بالقرآن كالمُسِرِّ بالصدقة] (٣).
وفي الباب عن ابن عباس قال: (كانت قراءة النبي - ﷺ -، على قَدْر ما يَسْمَعهُ مَنْ في الحجرة، وهو في البيت).
قال الشافعي في الأم: (وأختار للإمام والمأموم أن يذكر الله بعد الانصراف من الصلاة ويخفيان الذكر، إلا أن يكون إمامًا يجب أن يُتَعلَّم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تُعلّم منه، ثم يُسر، فإن الله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ يعني: والله تعالى أعلم، بالدعاء، ولا تجهر: ولا ترفع، ولا تخافت حتى لا تسمع نفسك. وأحسب ما روى ابن الزبير رضي الله عنهما من تهليل النبي - ﷺ - وما روى ابن عباس رضي الله عنهما من تكبيره، كما رويناه. قال الشافعي: وأحسبه إنما جهر قليلًا ليتعلم الناس منه، وذلك أن عامة الرواية التي كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل ولا تكبيرٌ، وقد يذكر أنه ذكر بعد الصلاة بما وصفت، ويذكر انصرافه بلا ذكر) (٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٠٤) - كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها. وقوله: "اربعوا": أي ارفقوا بها.
(٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (١٣٣٣) الباب السابق. وانظر صحيح سنن أبي داود (١١٨٤).
(٤) انظر كتاب "الأم" للشافعي (١/ ١٢٧)، وكتاب "إنارة الفكر بما هو الحق في كيفية الذكر" - للبقاعي (٤٧ - ٥٠). ومسند الشافعي (١/ ٩٩)، والمدخل لابن الحاج (١/ ١٠٥ - ١٠٧).