الحديث الرابع: أخرج الإمام أحمد في المسند، وأبو داود في السنن - بسند حسن - عن أبي نَعامة عن ابن لسعد: أنه قال: [سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبَهْجَتَها، وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، وكذا وكذا، فقال: يا بُنَيّ: إني سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "سيكون قوم يَعْتَدون في الدعاء". فإياك أن تكون منهم، إنْ أُعطيت الجنة، أعطيتها وما فيها، وإن أُعِذْتَ من النار، أُعِذْت منها وما فيها من الشر] (١).
وله شاهد في سنن أبي داود عن أبي نعامة: [عن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال: أي بني، سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: إنه سيكون في هذه الأمة قَوْمٌ يَعْتَدون في الطّهور والدُّعاء] (٢).
وقوله: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾.
نهي عن الفساد في الأرض وإلحاق الضرر بعد الإصلاح. قال ابن كثير: (فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد، ثم وقع الإفساد بعد ذلك، كان أضر ما يكون على العباد. فنهى تعالى عن ذلك).
وقوله: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾.
أمرٌ بعبادته سبحانه على الوجه الأمثل والأعدل، وهو التقلب بين الخوف والرجاء - كما في التنزيل: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [السجدة: ١٦]. ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠]. فإن كان العبد في آخر ساعة من حياته كذلك كان له الأمن من الله في الآخرة.
أخرج الترمذي بسند حسن عن أنس: [أن النبي - ﷺ - دخل على شاب وهو بالموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال

(١) حسن صحيح. أخرجه أحمد (١/ ١٧٢)، وأبو داود (١٤٨٠) - باب الدعاء.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - حديث رقم - (٩٦) - باب الإسراف في الماء. وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم - (٨٧).


الصفحة التالية
Icon